فقط على أرض التعيسة .. الفاسد ( يعظّم ) له السلام والتحية
فريدة أحمد
03-11-2009 م
عندما نكتب أو نتحدث عن الفساد هذا لا يعني بأننا وحدنا من يعاني منه, هناك شعوب أخرى
في دول العالم تعاني منه ( فالمأساة واحدة ) من أي فاسد وفساد ..
لكن هناك من يحارب وهناك من لا يفعل ..
قبل فترة ليست ببعيدة تمت محاكمة إحدى السيناتورات في أمريكا, لأنه قام بصرف مبلغ لعزيمة عشاء
مع أصدقاءه وأسرته من ميزانية كانت مخصصة لولاية نيويورك .. !!
وحصرياً على أرض ( السعيدة ) بدل أن يتم تقديم المتهم بالفساد للتحقيق والمحاكمة
في حال ثبوت الاتهامات عليه, فإنه يترك في مركزه ولا يحاسب, فيستمرئ فيه الفساد
ويتوغل, ليصبح بين يومٍ وليلة من أرباب الملايين والبلايين, فيشار إليه بالبنان, ويهاب وتفتح له الأبواب وتعظم له التحية ويضرب له السلام ..
أعجبتني إحدى القصص الساخرة لكاتب تركي قائلاً :
كان الجميع يُقسم اليمين على حماية حق الشعب مرة كل عام في الدفاع عما تركه الأجداد في الخزانة العامة المغلقة كـ " أمانة " والتي يقف عند بابها الحراس منذ آلاف السنين ..
استثار هذا القَسم " الحاكم " وأراد أن يعرف مافي هذه الخزانة من أمانة .. وبطريقته فتحها فوجد بداخلها
جوهرة ممزوجة بكل أصناف الذهب والزمرد والألماس والياقوت ..
فأخذها ووضع بدلاً عنها ( جوهرة من الألماس والذهب ) فقط .. وقرر أن يكون القَسم ( مرتين ) في العام الواحد ..
رئيس الديوان استثاره الأمر أن يكون القَسم مرتين في العام .. وقرر أن يعرف مافي الخزانة, وعندما عرف سرقها بدوره .. ووضع بدلاً عنها ( قطعة من الذهب ) .. واقترح أن يكون القسم ثلاث مرات في العام .. ولم يعترض أحد على الأمر .. وهكذا للوزير الذي وضع بدلاً عن قطعة الذهب ( قطعة حديد صدئة ) وقرر أن يكون القسم مرة كل شهر .. !
حارس الخزانة استثاره الأمر هو الآخر .. وقرر أن يرى على ماذا تقسم الأمة اليمين ( كل شهر ) بعد أن كان ذلك يتم كل عام ولأكثر من مرة .. ؟
فاستبد به الفضول وفتح الخزانة ورأى قطعة الحديد الصدئة .. فاظهرها للناس عامة وهو يقول :
- أتقسمون على هذا الشيئ الذي تقولون أنه أمانة الأجداد .. ؟!
فقال الحاكم في نفسه ( ليست هي ) وقال رئيس الديوان في نفسه ( ليست هي ) وكذا للوزير .. ليست هي
وصمت الناس .. وهم يقولون الكثير في نفوسهم ( دون إعلان ) .. !
هكذا يتم التعامل مع الفاسد ( بالصمت ) وإن تحدث أحدهم أو كتب تصريحات على ورق منددة بالفساد والمفسدين .. لكنه يُترك في النهاية لـ يعبث ويعبث مستغلاً نفوذه وسلطته في السلب والنهب
والسرقة والرشوة والإختلاس .. وبسط يديه على أراضي من يشاء .. فلا يقدم للتحقيق ولا يطلب منه إقرار ذمة مالي ولا تحاسبه سلطة القضاء لتفصل في أمره إما بالإدانة أو البراءة ..
ونظل نحن متفرجين لمسرحيات ( عم فساد ) احميني وباحميك وشلني وباشلك والخزينة تشكي والشعب يتجرع الويلات ..
أقولها بكامل الأسى قبل أن نرحل .. الأيام تمضي وقد لايكون ( إخوتكم ) بجانبكم ..
مالم يقف الشرفاء وقفة صدق لوضع حد لما يجري .. فلن يشرق وجه التغيير الجاد الذي تحلمون به أبداً ..
رب ضرةٍ نافعة, قد تكون مأساة الصحافة اليمنية بداية المشوار لمسيرتكم .. !!
وسلام تعظيم للشرفاء فقط .. !!
.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق