الثلاثاء، 8 مايو 2012


ساســة بمائة لون .. !!


شبكة الطيف - خاص / 30 نوفمبر 2007م

فريدة أحمد



تأملت الألوان المتناثرة على الأرض بعد أن كانت ابنة أختي تلعب بها ، فهمَمت بلملمتها متأملة في ذلك براءة الطفولة ..  بدون أن يغيب عني مشهد الأوضاع السياسية الراهنة في اليمن, وما صاحبها من مواجهات ودعوات وتقلبات متناقضة في الخطابات السياسيــة والتي سببت الكثير من النعرات والانقسامات .
تبادر إلى ذهني التلون في الساحة اليمنية جماعـة الــ ( يومٌ لك ويومٌ عليك ) كالزواحف التي عرّفها علم الطبيعة بأن لديها القدرة على تغيير جلدها تبعاً للظروف المحيطة بها لأن في ذلك تكيف للبقاء على قيد الحياة وبالتغير لهذا الجلد من وقت لآخـر يقابله تغيير في الاتجاه .. وهكذا هم هؤلاء الساسة يتلونون حسب الظروف التي تقتضيها سياسة البلاد وفقاً لمصالحهم الخاصة قبل أي شيء، وبهذا التلون امتهنوا حرفة الكذب والنفاق وبه أصبحوا مرتزقة لا هم لهم في هذه الدنيا سوى جمع المال, بائعين بذلك ضمائرهم وضاربين بمناصريهم ومبادئهم عرض الحائـط . 
لا يعلمون أنهم بتعدد ألوانهم تلك يفقدون بريقهم ولمعانهم وتُحرق كروتهم السياسية ولا يتعرضون سوى للإذلال والمهانة ، وكل ذلك من أجل بعض المصالح والأوساخ الدنيوية التي تتنافى مع أبسط القيم الأخلاقية وشرف مراكزهم . 
فتجد منهم أصناف وألوان تتكيف مع ما يوافقها من الأوضاع ، لون للشعب المغلوب على أمره بمعسول الكلمات الوطنية ، ولون آخر للاستخدام الخاص في أروقة وصالات القصر الرئاسي .. وتجد منهم أيضاً من يراوغ في خطاباته الاستهلاكية وهو في قرارة نفسه يعلم أن ما يقوله من ترهات تعبوية محفوظة هي مجرد إملاءات من الكذب والنفاق السياسي لا أكثر, وإذا بالغ أحدهم في مدح ولي الأمــر بما ليس فيه استحق أن يضمه وبكل جدارة إلى حاشيته ( كبوق بلا وزن ولا قيمة ) ليردد عبارات التمجيد في المحافل الرسمية ، فمثل هؤلاء نقرأ عليهم الفاتحــة .
حيّرنا هؤلاء الساسة معهم .. بالأمس كان أحدهم يعلن الانفصال ويعارض سنوات عديدة في الغربة واليوم أصبح مع الوحدة ، وآخــر مع الوحدة سنواتٌ طوال, وها هو اليوم ينادي بالانفصال وتحرير الجنوب ، وأحد الأحزاب يمد يده للمأجورين ويصفق لهم بعد أن كان في أحد الأوقات يهلل ويكبر لمواجهتهم ، وآخر كان بالأمس هو الداعم الأول للنظام وها هو يشن حملات هجومية ضده وبكل الوسائل, بعد أن فقد المزايا والمكاسب التي كان ينالها عندما كان في السلطة . ألن ترحموا عقولنا أيها المتلونون .. ؟؟
فقد احتارت معكم الجماهيـر وأصبحتم كمن انطبقت عليهم الآية القرآنية (( مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء )) "النساء " 143 . فلم تجلبوا لنا بتقلباتكم تلك سوى المزيد من القلق ومزيــد من التأزم .
حتى أنكم بذلك نقلتم العدوى إلى الجماهير فلم تعد صفة التلون تشملكم وحدكم, فتجد البعض من الجماهير الجائعة والمهللة تتفنن بالتصفيق والصفير (( بالروح بالدم نفديك يا علي )) لعل وعسى أن يرأف بحالهم .. !!
وما أن يتوارى الموكب الرئاسي عن الأنظار تجده يحمل شعارات وصور لقادة معارضة في محافل ومناسبات أخرى .. فعلاً شرُ البليـة ما يضحك .. ولا ملامة على مثل هؤلاء إذا كان قادتهم كل يوم بمائة لون .
فكفاكم أيها الساسة .. ألا تخجلون مما تفعلون .. ؟؟ 



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق