الطارئـون
فريدة أحمد
31 ديسمبر 2017م
أن تضع الشخص في مكانه المناسب يعني أنك سترى إنتاج أفضل وتقدم أكبر
في مجال عمله أو تخصصه أو خبرته, وقد يحدث أيضاً أن تضع أشخاص في غير أماكنهم
المناسبة وينجحون بنسب عالية وغير متوقعة, ربما في حالة واحدة إن كانوا جادين في
تحقيق وبناء كل ما يفيد أوطانهم وينهض بها, لا أن ينهبونها ويسيئون لها أو يقدمون
تنازلات عن مواقف أو مساحات مقابل كل ما يقدم لهم من هبات وخدمات تحقق مصالحهم
الذاتية فقط.
أثناء الحرب في اليمن وما بعد تحرير بعض المناطق, سُلطت الأضواء
وأعطيت مساحات واسعة من المراكز والمناصب والحضور السياسي والإعلامي لأشخاص طارئين
لم يكونوا يوماً من أهل الاختصاص ولا ذوي الخبرة المسبقة فيما كلفوا به, وهو ما
سبب فشل ذريع حتى على مستوى إدارة الحرب إعلامياً وسياسياً, أشخاص طارئون فرضتهم
الدول التي تقود الحرب والظروف ربما, فرضتهم بكل ما فيهم من هشاشة ثقافية وعدم
اطلاع كافي بأبسط أساسيات العمل الذي يؤدونه, لمسناه كمتابعين من خلال عدة قراءات
ومشاهدات تلفزيونية لمجريات أحداث الحرب. وهذا الأمر ليس بجديد فقد كان يسبق الحرب
بعقود طويلة نتيجة المحسوبية والوساطات ومحاباة الأقرباء والأصدقاء أثناء حكم نظام
علي عبدالله صالح.
المرحلة الراهنة لم تختلف كثيراً عن سابقاتها, فقد كانت أكثر عبثية في
إظهار أسوأ الأسوأ, حتى على مستوى قبول النخب والقوى المدنية والأحزاب السياسية
بأن يمثلها أشخاص طارئين كهؤلاء يسيئون لهم. شخصياً أشعر بخجل شديد وأنا أقرأ
تغريدة لقيادي طارئ يدعي تمثيل قضية الجنوب بصورة توحي أن لا قرار بيده, فقط ينفذ
ما يُملى عليه ممن نصّبوه, أو أقرأ خبر على إحدى المواقع الرسمية للدولة وهو مصاغ
بطريقة مخجلة تسيء للرئيس وحكومته من حيث لا يعلمون.
بينما يُغيب أشخاص حقيقيون أسماؤهم اللامعة تسبقهم, لا نضطر للسؤال
عمن هم وماذا يفعلون, كما نضطر للبحث عن أسماء أولئك الطارئون الذين لم يقدموا سوى
نتائج كارثية أودت بالبلاد نحو الهاوية. بوجود مثل هؤلاء على رأس المشهد الحالي في
اليمن بشقيه, لن نخطو خطوة واثقة للأمام ولن نحصل على أدنى حقوقنا, لأنه من الصعب
أن تتوقع شيء من شخص لن يغير شيء هو أصلاً لا يجيده. أو كما قال نزار قباني في
أبياته:
مَنْ هؤلاءِ الطارئونَ على مَشَاكلِ عَصْرِنا ؟
مَنْ هؤلاءِ الطارئُونْ ؟
هُمْ يزعمُونَ بأنَّهُمْ سيغيِّرونَ خريطةَ الدنيا ..
وهم مُتَخلّفونْ ..
وبأنهم سيُحرّرونَ الفكرَ والإنسانَ في كَلِمَاتِهمْ
وهُمُ على كُلِّ الموائد يخدُمُونْ ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق