الثلاثاء، 15 أبريل 2014

كولسة القضية

فريدة أحمد
15 إبريل 2014م

من الأهمية بمكان أن نذكر بأن القيادات الجنوبية وإن كانت لا تتفق على آلية أو استراتيجية محددة, أو تسعى في أحايين كثيرة لمصالحها الخاصة أوالضيقة, إلاّ أنها في النهاية تتفق على هدف (واحد) وتضع الجنوب نصب أعينها, بينما قادة الشمال ينقسمون على الدولة ولكل طرف من ساستهم هدف (مختلف), بمعنى أن الفرق بين جوقة الساسة في الشمال والجنوب في طبيعة الانقسامات كبير, وبالطبع ما يحدث في الشمال أخطر وأسوأ. الجنوب لا توجد فيه مصالح حزبية أو مذهبية أو دينية, بينما الشمال يعاني من هذا الأمر, فهناك الدين اليهودي والمذهب الزيدي وأكثر من 26 حزب, أو كما قالها أحمد مطر: "عندنا عشرة أحزاب ونصف في كل زقاق", فضلاً عن عشرات الائتلافات الثورية التي نشأت بعد الثورة في اليمن.

مع ذلك هناك من يسعى لجر الجنوب إلى هذا المربع من الانقسامات, في محاولة لتمييع القضية الأساس التي خرج لأجلها الشعب والتآمر عليها من خلف الكواليس, عبر التلويح بورقة (الهوية), سواء السياسية التي بدأ البعض بالترويج لها في بياناته بعد قرارات الأقلمة, ويعني بها صراحةً (الحزب الاشتراكي اليمني), الذي لا يعني رفضنا له كحزب, بل كهوية سياسية للجنوب ويجب استعادتها, أو الهوية الحضرمية التي يقول دعاتها بأنها لا ترتبط بالجنوب وحراكه لا من قريب أو من بعيد, في ظل انحراف التركيز عن الهوية الأبرز والأهم (الهوية الوطنية), والتي أراها ويراها كل شاب جنوبي متطلع, بمعايير نضالية وفق معطيات آنية, بأنها الحب للأرض والولاء لها والدفاع عن قضيتها ورفع الظلم عن شعبها, هذه هي الهوية التي يجب أن نكرس أنفسنا لها في الوقت الحالي, لأنها ببساطة مجموعة من القيم الوطنية والأخلاق الثورية, قائمة على المحبة والتعاون ونبذ العنف والإقصاء والتخوين, وتعزيز ثقافة القبول بالآخر واحترام الرأي المخالف, لا تقصي أحد ولا تنتقص من أفراد أو منطقة بعينها, الجنوب معروفة هويته وتاريخه العريق وحدوده الجغرافية, وكذلك معروفة لغته ودينه ومذهبه وتراثه وثقافته, لماذا نخلق فيما بيننا الآن أزمة هوية, ونفتح أبواباً لمهاترات سياسية تسمح للخصوم بالتغلغل في عمق اختلافاتنا وتشتيتنا؟ والذي من شأنه التلاعب بقضيتنا وكولستها سلباً, وتتويه القوى السياسية والمدنية الجنوبية وبعثرة ثورتها ونضالها؟

التحدث بهذا المنطق لا يعني عدم احترام حق الآخر في المطالبة والتعبير بما يرغب, لكن الغوص في جدل الهوية ليس بالوقت المناسب, لأنه يهيئ الأرضية الخصبة لبث الفرقة وتأجيج الخلافات الجنوبية - الجنوبية, لدينا قضية واضحة وإن غابت عنها المؤسسية والهيكلة, لكن المجتمع الدولي اعترف بها وبالجنوب ككيان سياسي منفصل عن الشمال, وأصبح يتعامل في قراراته الدولية مع اليمن كجنوب وشمال, فما حاجتي لاستجلاب الماضي وأنا من المفترض أن أعلن معه قطيعة تامة, سواء لما قبل 67 أو ما قبل 90؟ إذا كنت أطمح لجنوب مدني حر مستقل, بمنظومة حكم جديدة تحقق طموحات وآمال الشعب, و تتعامل مع المواطن كـ (فرد) فقط دون تمييز؟


سبع سنوات ونحن في صراع من أجل تشكيل قيادة موحدة في الجنوب, وكنت قد ذكرت في مطلع المقال عن انقسام شمالي على الدولة, وأتوجس بأن يصبح لدينا انقسام جديد على الهوية, وبذلك نستمر في صراعاتنا وإخفاقاتنا دون تحقيق نتيجة أو هدف, إذا لم نوجه خطاباتنا السياسية ونقوم بترشيدها نحو الإجماع الشعبي ولحمته الوطنية, بما يرقى لمصلحة الجنوب وقضيته. 

*صحف جنوبية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق